الصحافة بين ضمير الوطن ومنطق التفرقة

بقلم: بيروك الضبيالي زهرة

الصحافة ليست مهنة عادية، بل رسالة ومسؤولية وطنية. دور الصحفي هو نقل الحقيقة، وتعزيز قيم الوحدة والتلاحم بين أبناء الوطن، من طنجة إلى الكويرة. فالصوت الصحفي الحقيقي هو من يجمع، لا من يفرق؛ من يحترم التنوع، لا من يُثير الفتنة.

هذا المقال يأتي ردًا على مقال بعنوان “الحق في الوصول إلى الكرمومة”، والذي حمل نبرة إقصائية لا تليق بالصحافة ولا بخطاب المواطنة. حين تتحول الكلمة إلى وسيلة للتفرقة بدل أن تكون أداة لبناء جسور التفاهم، فهنا نكون أمام خيانة لرسالة الصحفي وأخلاقيات المهنة.

من الشمال إلى الجنوب، كل جهة من جهات المغرب لها دور أساسي في بناء الوطن. فمثلاً جهة طنجة تطوان الحسيمة، بميناء طنجة المتوسط، تُعد بوابة اقتصادية مهمة نحو أوروبا. جهة الدار البيضاء سطات تمثل القلب الاقتصادي النابض للبلاد، بقطاعاتها الصناعية والبنكية.

أما في الداخل، فجهة فاس مكناس والجهة الشرقية تساهمان في الاقتصاد الوطني من خلال الفلاحة والصناعات التقليدية. وجهة مراكش آسفي تعتبر قبلة سياحية عالمية تدعم الاقتصاد المغربي.

وفي الجنوب، من كلميم واد نون، مرورًا بالعيون الساقية الحمراء، وصولاً إلى الداخلة وادي الذهب، هناك نموذج تنموي متقدم بفضل المشاريع الملكية الكبرى. هذه الجهات ليست فقط غنية بالثروات البحرية والمعدنية، بل تشكل ركيزة استراتيجية في رؤية المغرب نحو إفريقيا، ومجالاً واعدًا في الطاقات المتجددة والتبادل التجاري.

التقليل من شأن هذه الجهات وسكانها لا يسيء إليهم فقط، بل يُضعف مفهوم المواطنة والعدالة. على الصحفي أن يكون صوتًا للوحدة، لا منبرًا للتمييز والتحامل.

الوطن اليوم بحاجة إلى كل أبنائه، وإلى خطاب يرفع من قيمة كل جهة وكل مواطن، لا خطاب يقسم ويصنف. المغرب لا يُبنى بالإقصاء، بل بالعدل، والاعتراف بالجهود، والتقدير المتبادل.

الوحدة ليست مجرد شعار، بل هي واقع نعيشه وتاريخ نعتز به. وعلى كل من يحمل القلم أن يعي أن كلماته قد تُشعل نارًا أو تُضيء طريقًا. فليكن القلم وسيلة للبناء لا للهدم، ولنكتب جميعًا بروح وطنية صادقة، لأن المغرب لا يكتمل إلا بجميع جهاته، ولا يُصان إلا بوحدة قلوب أبنائه، مهما اختلفت لهجاتهم وألوان رمالهم.

20 avril 2025
Aller à la source Belgium-Times.BE
Author: رحال الانصاري