قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، ان دستور المملكة تضمن مجموعة من المبادئ والأحكام، التي تشكل أرضية صلبة لصون المشروعية وسيادة حكم القانون، وعلى رأسها ربط المسؤولية بالمحاسبة، والحكامة الجيدة، وتخليق الحياة العامة، وخلق مناخ أعمال سليم وتنافسي، فضلا عن إجراءات قوية لزجر كل أشكال الانحراف في تدبير النفقات العمومية.
كان هذا في كلمة القاها بمناسبة حضور المناظرة الوطنية الأولى، حول موضوع “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها: مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية” بالرباط خلال يومي 15 و16 أبريل 2025.
واستحضر الداكي في هذا الإطار، الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، بتاريخ 21 أكتوبر 2019، حيث قال جلالته: ” ومن هنا تبرز أهمية توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار، على الصعيد الوطني والجهوي والدولي، وتجاوز إشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال، عبر إقامة نظام قانوني ملائم، يتوخى تفادي المشاكل والحد من المنازعات، وكذلك إنشاء هيئات متخصصة في فض هذا النوع من النزاعات، داخل الآجال المعقولة، وتراعي خصوصيات المنازعات المالية والتجارية، وتتسم بالسرعة والفعالية والمرونة”.
واضاف الداكي انه ووعيا من رئاسة النيابة العامة بأهمية تدبير منازعات الدولة والوقاية منها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وترشيد النفقات العمومية، فقد بادرت بمعية شركائها لاسيما الوكالة القضائية للمملكة إلى بدل جهود متميزة في مسار التدبير الجيد والفعال لمنازعاتها، وهي مناسبة عبر فيها عبر من خلالها، عن الامتنان الى السيد الوكيل القضائي للمملكة، ومن خلاله كافة أطر هذه المؤسسة على التواصل الإيجابي والفعال والتعاون المتواصل بشأن تدبير المنازعات المتعلقة بمجال تدخل رئاسة النيابة العامة.
وافاد المتدخل انه وفي هذا الإطار، فقد سبق لرئاسة النيابة العامة، أن نظمت بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوكالة القضائية للمملكة، بتاريخ 12 ديسمبر 2019 ندوة علمية وطنية بمراكش خصصت لتدارس موضوع ” الخطأ القضائي في مجال الاعتقال الاحتياطي”.
وجدد الداكي التاكيد انه وإيمانا من رئاسة النيابة بأهمية تجويد العمل والرفع من نجاعته والارتقاء به، وتبسيط المساطر وتوظيف التكنولوجيا الحديثة خدمة لحسن تدبير منازعات الدولة، انخرطت بكل جدية، من أجل تكريس التبادل الالكتروني للوثائق، والمذكرات مع النيابات العامة، لدى محاكم المملكة، وكذا مع الوكالة القضائية للمملكة.
وهو ما كان له الأثر الإيجابي، في تسهيل تبادل المعلومات، والمستندات ذات الصلة بقضايا المنازعات، ما مكَّن من تجويد الدفاع عن مصالح رئاسة النيابة العامة، وضمان تحقيق النجاعة من خلال ضبط الآجال القانونية واحترام الآجال المحددة من طرف المحاكم ، وهو ايضا، ما انعكس إيجابا على مستوى مؤشر تدبير قضايا التعويض، التي يتم رفعها في مواجهة النيابة العامة، بسبب بعض القرارات، التي قد تتخذها في إطار تدبيرها للدعوى العمومية، حيث حققت نسبة نجاح قاربت 100% .
كما عملت رئاسة النيابة العامة، يفيد الداكي، على تجميع وتصنيف الاجتهادات القضائية، واستخراج المبادئ والقواعد المتعلقة بها، وتوظيفها بشكلٍ يضمن المهنية في الدفاع عن مصالحها.
وفي نفس السياق، عملت أيضا على تشخيص خريطة للمخاطر القانونية المرتبطة بمنازعات النيابات العامة، وذلك بهدف تحديد مصادر المنازعات المحتملة، وتقييم مخاطرها وآثارها، والعمل على تقليصها أو تفاديها، ولقد أفضت استراتيجية رئاسة النيابة العامة، في تدبير منازعاتها والدفاع عن مصالحها، يؤكد الداكي، إلى خفض نسبة استجابة المحاكم للمطالب المالية للمدعين خلال الست (06) سنوات الأخيرة (2019-2024) إلى أزيد من أربعة وتسعين مليون درهم (94.491.017,00 درهما)، وهي مبالغ مهمة تم توفيرها لفائدة خزينة الدولة.
كما تسعى رئاسة النيابة العامة إلى تعزيز الوعي لدى النيابات العامة بأهمية الوقاية من المنازعات من خلال تبليغها بنسخ الأحكام والقرارات القضائية الصادرة بشأن القضايا التي تكون النيابة العامة طرفًا فيها، ويأتي هذا النهج إدراكًا منها لأهمية نشر توجهات القضاء الإداري عند البت في هذه القضايا، حيث يُسهم ذلك بشكل فعال في الوقاية من المنازعات والحد من المخاطر القانونية، وتؤدي إلى التقليل من المنازعات المعروضة أمام القضاء ما يُدَعِّمْ كفاءة العمل القضائي ويُعزز جودة الأداء.
كما تحدث الداكي، في كلمته عن اهمية تبني سياسات وآليات استباقية تمنع نشوء المنازعات، من خلال تعزيز الوسائل البديلة لحلها، مثل الوساطة والتحكيم والمصالحة، التي تُعتبر أدوات فعالة لتخفيف الضغط على المحاكم، وتسريع إيجاد حلول مُرضية، وكذا الرقابة الاستباقية على أعمال وتصرفات المؤسسات، والتقيد بالإجراءات القانونية، التي تضفي الشرعية على أعمال الإدارة.
وقال الداكي مفسرا “يتطلب منا العمل المشترك بين مختلف المؤسسات، سواء كانت قضائية أو إدارية أو مهنية، وتعزيز التعاون بين القطاعات واستلهام الممارسات الفضلى من التجارب المقارنة الرائدة في هذا المجال بما يساهم في تطوير حلول مبتكرة تستجيب للتحديات الراهنة وتستشرف المستقبل…”.
ان الوقاية من المنازعات وتدبيرها بفعالية لا يمثل إجراء تقنيا فحسب، بل يـــَتَجَسَّدُ كفلسفة شاملة تهدف إلى بناء جسور الثقة، بين الأطراف المعنية وتعزيز الحلول التوافقية، التي ينبغي أن تضمن حقوق جميع الأطراف، وتوفر بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، باعتبار ان الاستثمار أحد ركائز الاقتصاد الوطني، ويساهم في خلق فرص الشغل، ومن هنا تبرز أهمية إيجاد آليات مُبتكرة تساهم في صون المشروعية وتحقيق الاستقرار، وتفادي المنازعات، التي تؤثر سلبًا
16 avril 2025
Aller à la source Belgium-Times.BE
Author: abdelaaziz6