مِنْ أَسْمَاء إِلَى أَسْمَاء: تَنَاصُّ الأَرْوَاحِ المُسْتَحْضَرَة!

 

عبد المجيد موميروس

“أيُّ تطابُقٍ مع الواقع .. فمِن مَحضِ القضاء و القدر”

وَ لَسَوْفَ أتخيل؛ منظر جنين مولود، يتحايل على أبيه ببراءة. كي لا يعطيه المِرْضَعة، لأنه ينتظر رشفة حليب من ثدي أمه. نعم؛ ينتظر عودة أسماء من المستشفى، حتى تشبعه حضنا بالرعاية و الحنان. بينما سؤال الجنين المولود؛ الذي يزعزع أركان قلب أبيه: ” أحن إلى ضمة ماما؛ فهل ستعود؟!.

أوْ لَسَوْف؛ أتخيل زيارة الملك عزرائيل لأسماء داخل غرفة المستشفى. فها هو يسحب روحها، من غرفة العناية المركزة. بينما هي تنفلت منه، راكضة نحو السرير. و جسد أسماء؛ يتمسك بها باكيا. إنما الدموع تنهمر من عينيها أسفا، على إسفلت دنيا الكرامة المهدورة.

فَلَسَوف؛ أتخيل فحوى شهادة أسماء، القصيرة جدا. القريبة من زمن الاحتضار، و المفعمة بالمشاعر الجياشة عند المناجاة الأخيرة.

كما أني؛ سأطالع بلاغات معابد تربية الإنسان على عقوق الأوطان، معلقة داخل سراديب الأجندات الخارجية. و هي تغرز أنيابها في جسد أسماء، كي تنهش لحمها منتهكة كرامة الضحية. و طاعنة بالإفك؛ في محاضر البحث و التحقيق، و أحكام القضاء!.

ثم؛ لأسْتَحْضِرَنَّنَ “أكذوبة” سفر أسماء إلى السماء!. تلك التي قد أطلقها أهل الضحية، إشفاقا على كبد الجنين المفجوع. و حتى؛ لا ينكسر إحساسه باليُتْمِ و الحزن.

فلتعلمي يا أسماء؛ أن روح أسماء و جسدها، قد إنصهرا في دنيا معاناة طويلة و قاسية. و في محيط هادر و هائج. و أن روحها المستحضَرَة، كانت هدفا للمعارضة الصفراء. حيث قد صلبتها صباح-مساء، على صفحات التقارير المرفوعة الى أعداء الوطن. فقط؛ لأن الضحية أسماء قد عرّت عن أبشع مظاهر العبث بالجسد الآدمي، و أخبث خبائث استعباد البشر. إنما لن تجد مكونا من داخل جمعيات تربية الإنسان على عقوق الأوطان، قد كف عن لغوه التمييزي عند قصاص الجرم البليغ.

و قد كانت دنيا أسماء، أياما و شهورا عصية لا تحتمل، لَفوق طاقة البشر!. لحظات ثقيلة و دهر من الزمان امتزج فيها الألم بالأمل. حتى إنفض الجمع من حول أسماء، ساعة صعود الروح!. و قد مزقت أوصال قلبها المكلوم، سهام غادرة و آلام مخاض قاتلة!.

أما الليلة يا أسماء؛ نتبَسّم في وجه أشباح تربية الإنسان على عقوق الأوطان. و كذا في وجه كل من قال فيك، ما ليس فيك!. هكذا حتى نتخيل معا: سردية القصاص. ذلك لما يكون كل شيء، يدعو للتناسي!. فأني المُلَّا قَدَرُ اللهِ؛ أستحضر هُولُوغْرَام الضحية أسماء، حتى يصير الرثاء واجبا حصيفا.

أي: صدّقيني يا أسماء، أن الله عز و جل، عزيز ذو انتقام. و هو القاهر فوق عباده، فأن بطش ربنا لشديد. وَ إِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ، يأَتِى سبحانه بِهَا. إن الله سريع الحساب.

نعم الليلة يا أسماء؛ بعد مرور خمس سنوات، على إعتقال المجرم مُسْتَعْبِدُ البَشر. كأني بي أصطنع : هولوغرام الروح المستَحْضَرة. كي أرثي الضحية؛ و أنصح زوجة الجلاد: تالله لن تخذلنا عدالة البعثة الأخرى!.

و عند سيل مداد قلمي: شهادة المعتصم بحبل الله. و في أعماق قلبي؛ انحياز خاص لمروءة الإنصاف. شهادة و انحياز لا يمكن أن ينتزعهما، لا تحريف و لا تضليل، لا مهاترات و لا فذلكات الرومانسية المُفَوَّتة. تلكم؛ التي قد خرجت على كرامة الضحية، مُتغَزِّلَة بمديح الصحفي الجلاد. فَلَهكذا؛ أحاكي الرسائل يا أسماء، لَكَأنما رجع الصدى ضد الرومانسية غير الأخلاقية. إينعم؛ مع نسج أمال الوطن، إلى أن يأذن الله بالتقدم و الكرامة.

فكوني دائما؛ يا أسماء على قيد القضاء و القدر. و انتظري؛ إنا جميعنا منتظرون. إذ؛ إنما الحياة الدنيا: محطات و دروس من جدلية القصاص القانوني.

بل.. أنّي يا أسماء؛ أعاهد الوطن، ألا أستسلم أمام أضغاث أوهام عقوق الأوطان. ذلك مهما خيم الحزن، مهما ضيقوا فسحة الأمل أو طالت المحنة. نعم؛ أعاهد الوطن؛ أن أبقى وفيا لروح المواطنة الدستورية. و أن أنتصر لكرامة الروح الغائبة، التي دافعت عن نفسها، حين فرت من شر إستعباد البشر، و قد كلفها ذلك: غاليا!. حتى؛ لكأنّني -الآن- أسمع روح الضحية، و هي تهتف أن الكرامة: فلا حدود لها، هنا عند البعثة الأخرى!.

ثم الرحمة؛ على الروح المستحضرة. كما سلِمَتِ القُلوب المخلصة، التي اختارت رواية حب الأوطان من الإيمان. فأنه أغلى الغنائم، و أجمل الثروات. و لْتَحيَا؛ جميع الألسنة ذات الضمائر الحية. ذلك حين تصدح عاليا: من أجل هجاء غراميات استعباد البشر، و ذم رومانسيات المظلومية المصطنعة. أو على الأقل؛ هكذا بالهمس عند مسامع زوجة الجلاد: أن إلتزمي شعبة الحياء الجميل!.

ويا أيتها الروح المستحضرة؛ ذي شهادتك كانت، و ستضل برهانا خالدا. هكذا غالبة؛ فوق رذائل التطبيع مع الإستعباد البشري. فالمجد و الشرف لحماة كرامة الوطن الأبي!.

عبد المجيد موميروس
رئيس اللجنة التحضيرية لحزب الإختيار و الإنتصار
Abdulmajid Moumĕrõs

The post مِنْ أَسْمَاء إِلَى أَسْمَاء: تَنَاصُّ الأَرْوَاحِ المُسْتَحْضَرَة! appeared first on النهار نيوز المغربية.

25 février 2023
Aller à la source Belgium-Times.BE
Author: زكية شفيق